»نشرت فى : الثلاثاء، 31 يناير 2012»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

عندما نشاهد الرياضيات

يقول العالم الفيزيائي ستيفن هوكينج: «ما هو الشيء الذي يشعل النار في المعادلات الرياضية ويجعل الكون موصوفاً بها؟ »
الرياضيات لغة الرموز المعبرة عن حقائق فيزيائية بل هي مرتكز الفيزياء ولسانها المعبر، فلا فيزياء بدون رياضيات أيا كان نوع هذه الرياضيات سواء التقليدية أو الحديثة فهي وعاء الفيزياء.

فأنا عندما أريد أن اعبر عن حالة فيزيائية بلغة سهلة الجأ إلى الرياضيات لأستعيض عن المصطلحات الكلامية برموز قصيرة ، ودعونا نأخذ مثلاً ( أقول السيارة واقفة ) هذه جملة فيزيائية كيف اعبر عنها بالرياضيات؟
السيارة الواقفة دون حراك يعني أن السرعة المرافقة لها تساوي الصفر فإذا رمزت للسرعة بالرمز ع فأعبر عن الجملة السابقة هكذا:ع= صفر أو بالانجليزية 0 = V حيث V مأخوذ من كلمة سرعة Velocity.
ألم تختصر الرياضيات كلاماً طويلاً ؟

في البداية كان الرمز:

ربما تكون لغة الرموز غريبة عنا اليوم لكن لو عرفنا أن الإنسان بدأ اللغة رموزا ثم تطورت تلك اللغة ـ أياً كان نوعها ـ إلى حروف ( التي هي الأخرى رموز!) ثم لهذه الرموز أصوات ثم اشتقت وصنفت أحوالها إلى فعل واسم و...الخ ولنا في الحضارات القديمة من فرعونية وآشورية وسومرية وسبئية أكبر دليل على لغة الرموز في الكتابات الهيروغليفية والمسمارية والمسند فالرمز هو الأصل.
وما الرياضيات إلا عودة لهذا الأصل بلغة علمية رصينة يتفق عليها سكان الأرض من خلال مصطلح علمي موحد لدى الكل. تأصلت قواعد الرياضيات سواء الإقليدية أيام إقليدس (300) قبل الميلاد ونظرية فيثاغورس المثلثية حتى جاء نيوتن في القرن السابع عشر الميلادي برياضيات التكامل والتفاضل التي كانت أساس النهضة الأوروبية ومن ثم جاء ريمان العالم الألماني في منتصف القرن التاسع عشر برياضيته المسماة اللإقليدية والتي نفت كل مسلمات إقليدس القديمة لتكن منطلق العلوم الحديثة من النسبية إلى ميكانيكا الكم حتى الأوتار الفائقة في الفيزياء.

طلاسم الرمز

يعاني ناشؤنا اليوم من صعوبة التعامل مع الرياضيات بل وكرهها والنفور منها مما يترتب نفوره من المواد العلمية المتعلقة بها كالفيزياء والكيمياء وغيرها.
والسبب يعود إلى سوء تدريس هذه المادة منذ الصغر فأسلوب الحشو وحفظ القوانين الرياضية هكذا دون معرفة طريقة اشتقاقها ولا كنهها الفيزيائي عن طريق التطبيق العملي لمفهوم تلك القوانين في الحياة كل هذا صنع انفصاماً واضحاً بين أذهان الناشئة والرياضيات وتحولوا مثل سياح يقفون أمام نقش اثري لا يعرفون معاني الرموز المرقومة على سطحه.
إن الفصل بين فيزياء المسألة ورياضياتها هو الجريمة في تدريس مادة الفيزياء، فما الرمز الرياضي إلا معبر عن فيزياء (واقع) لهذا الرمز.. يتساءل الناشئة ما فائدة الرياضيات ؟ لو أنهم دُرسوا فيزياء الرياضيات ما سألوا هذا السؤال ؟!
إن إشباع المسائل الرياضية بنماذجها الفيزيائية وأمثلتها الكلامية هو السبيل الأمثل ليتخيل الناشئة الرياضيات ويعيشون في فضائها الجميل دون أي صعوبة خصوصاً في زمان الحاسوب والواقع الافتراضي virtual reality الذي يمكن المستخدم من العيش في عوالم ثلاثية الأبعاد بل متعددة الأبعاد وبالتالي يستطيع رؤية ما لا يستطيع رؤيته في العالم الحقيقي.
***



ملاحظة :

نشر هذا المقال في صحيفة الجمهورية (اليمنية) بتاريخ 13أكتوبر 2011م 



    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015