»نشرت فى : الأربعاء، 22 يناير 2014»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

الذريعة في تطبيق الشريعة




(1)

… الشريعة وما أدراك ما الشريعة
الكل يتحدث هذا الزمان عن تطبيق الشريعة ، بل ويصرخ بأعلى صوته أن يطبّق شرع الله في الأرض..  
كلام جميل جداً ولا نختلف عليه أبداً، لكن الخلاف حول كيفية تطبيق الشريعة ؟ وبيد منْ؟


(2)

..التأويلات المتعددة لفهم النصوص جعل من تطبيق الشريعة يخضع لهذا لتأويل المختلف من عصر لآخر ، هذا الاختلاف الذي تباين يوضح شيئاً مهما للغاية أن الهدف ليس التطبيق (الحرفي ) الجامد للنصوص بدون الالتفات إلى روح النص الكريم الذي جاء به الاسلام ، الذي جعل من كل تلك الحدود ردعاً ودرعاً آمنا يحصًن به المجتمع فالدين لم يأت لقطع الأيدي أو جلد الظهور أو ضرب الرقاب من باب التلذذ بتعذيب الآخرين ولنا في تطبيق السلف الصالح أكبر الدليل على ذلك ..
فالشروط التي وضعها الشارع في أي حد من حدود الشريعة تكاد تكون مستحيلة ولن تتكامل أركان اي جريمة تستدعي تطبيق حد شرعي إلا في مجتمع متفسخ للغاية ، فشروط تطبيق حد الزنى مثلا من التعقيد بحيث تحدث في مجتمع عادي

(3)

... الظروف المحيطة بالمجتمع ضمن حدي الزمان و المكان الجغرافي يجب مراعاتها أثناء تطبيق الشريعة وليس على طريقة (النسخ) و(اللصق) في التطبيق
فما ينطبق على المسلمين في جزيرة العرب قد لا ينطبق على المسلمين في أوربا مثلا
ناهيك أن تطبيق حدود الشريعة الاسلامية لا يبدأ من تقطيع الايادي وجلد الظهور ، إنما يبدأ من تجفيف منابع الفساد التي تؤدي إلى السرقة او ارتكاب أي جريمة وبعدها نذهب إلى تطبيق الحدود….
أما أن تفتح المنابع التي تغذي الفساد المؤدي لارتكاب الجرائم المستوجبة حداً ما ثم نطالب بعد ذلك بتطبيق الحدود كيف ذلك ؟
فحد مثل حد الزني قام الشارع الحكيم بقطع كل الطرق المؤدية إليه من النظرة المحملة بالشهوة إلى الخلوة إلى منع تبرج النساء إلى غيرها من كل المداخل المؤدية لقيام أركان جريمة الزنى ثم جاء الحد كتتويج لذلك السبيل ، وليس حد مجرد من كل حيثياته ..

(4)

..إن التدرج في الوعظ مطلوب ، مثلما التدرج في العقوبة مطلوب ، وكل ما ينقض اكتمال الجريمة المستوجبة إقامة حد ينقلها إلى تطبيق أقل منه كالحبس أو التعزيز أو التغريم أو خلافه ، فكيف غفل المنادون لتطبيق الحدود الشرعية بكل صرامة عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم " أدرأوا الحدود بالشبهات" مع العلم ان الشبهة لا تصل إلى مرتبة الدليل لكنها تنقض إقامة الحد أو تنقله إلى مرتبة أقل !

(5)

.. التباهي بإقامة الحدود الشرعية لا يعني أن الايمان قد بلغ كل القلوب ، بل يدل أن الفقهاء يمارسون تطبيق دولتهم ويفرضون فهمهم للنصوص حسب المعايير الحرفية وليس حسب متغيرات الزمان والمكان أو لنقل حسب فهمهم لتلك النصوص..
وما دمنا نتحدث عن الفقهاء فإن تطبيق الحدود لا يمارسه أي نفر منا هكذا بأي حجة كانت بل هي الدولة وأدواتها منْ بيدها الحق لهذا التطبيق ، حتى لا تكون إقامة الحدود أو الشريعة هي الذريعة التي يتعلّق بها أي جماعة أو فريق لممارسة (سلطة) لم تخوّل لهم على مجتمع ما ..

(6)

.. أخيراً إلى المنادين بتطبيق الحدود أقول الشريعة كلٌّ لا يتجزأ وما دمتم ودمنا ننادي بتطبيق الحدود فالأولى تطبيق الشريعة جملة واحدة من ضمنها الحدود وليست الحدود لوحدها هكذا انتقاءً من كل مجمع
فنعم لتطبيق الشريعة الاسلامية كاملة وليس بند الحدود فقط ، حتى لا نكون ممنْ قال الله فيهم {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة : 85]

والله أعلم

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015