»نشرت فى : الأحد، 21 نوفمبر 2010»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

العلم في العالم الإسلامي*

منذ مئات السنين - وفي الوقت الذي سادت أوروبا العصور المظلمة - كانت الإمبراطورية الإسلامية في القرون الوسطى في طليعة العلم - على النقيض المحزن لحالة العديد من الدول الإسلامية اليوم. جيم الخليلي يسأل ماذا أعاق التقدم؟ ، ويدرس بعض المشاريع التي يمكن أن تبشر بمستقبل أكثر إشراقا .


                العقول المتطلعة
هناك أكثر من مليار مسلم في العالم اليوم - أكثر من خُمس سكان العالم الكلي - موزعون على أكثر الدول ال 57 الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي حيث الإسلام هو الدين الرسمي. وتشمل هذه بعض من أغنى دول العالم ، مثل المملكة العربية السعودية والكويت ، فضلا عن بعض من أشد الدول فقرا ، مثل الصومال والسودان. اقتصاديات بعض هذه البلدان - مثل دول الخليج وإيران وتركيا ومصر والمغرب وماليزيا وباكستان - قد نما نموا مطردا لعدد من السنوات ، وحتى الآن ، بالمقارنة مع الغرب فالعالم الإسلامي لا يزال يبدو منعزلا جدا عن العلوم الحديثة.
يفهم قادة العديد من هذه البلدان جيدا أن نموهم الاقتصادي وقوتهم العسكرية وأمنهم القومي كلها تعتمد بشكل كبير على التقدم التكنولوجي. فالخطابات بالتالي كثيرا ما سُمعت أنهم يحتاجون تضافر الجهود في مجال البحث العلمي والتطور للحاق بركب بقية المجتمعات في العالم القائمة على أساس المعرفة. في الواقع نما التمويل الحكومي للعلم والتعليم بشكل حاد في السنوات الأخيرة في كثير من هذه البلدان وتمت العديد من الإصلاحات وتحديث البُنى التحتية الوطنية العلمية. اذن ماذا يعني عندما أقول معظم هذه الدول لا تزال  منعزلة عن العلوم؟
                                                 الوضع الحالي للبحوث
 وفقا لبيانات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والبنك الدولي ، قامت مجموعة من 20 دولة ممثلة في منظمة المؤتمر الإسلامي بصرف 0.34 ٪ من ناتجها المحلي الكلي اجمالا على البحث العلمي ما بين عامي 1996 و 2003 - فقط السُبع من المعدل العالمي البالغ 2.36 ٪ . الدول الإسلامية أيضا بها اقل من 10 علماء ومهندسين وفنيين لكل 1000 نسمة من السكان ، بالمقارنة مع المتوسط العالمي البالغ 40 ، و 140 في العالم المتقدم. منهم يساهم حوالي 1 ٪ فقط في النشر في الصحف العلمية العالمية. في الواقع يكشف أطلس الجمعية الملكية للعلوم الإسلامية العالمية والابتكار أن العلماء في العالم العربي (الذي يضم 17 من دول منظمة المؤتمر الإسلامي) أصدروا ما مجموعه 13444 مطبوعا علميا في عام 2005 – أي بنحو أقل بـ2000 من الذي أصدرته جامعة هارفارد وحدها(أصدرت 15455).

لكن نوعية البحوث العلمية الأساسية في العالم الإسلامي التي هي أكثر اهتماما. طريقة واحدة لقياس المكانة الدولية للانتاج العلمي المنشور لأمة عبر مؤشر اقتباسها النسبي (RCI) : هو عدد من الأوراق التي اقتبسها  علماء الأمة كجزء من جميع الأوراق المقتبسة كلها ، مقسوما على نصيبها من مجموع الاوراق المنشورة ، بحيث ان كل ما تملكه الامة من اقتبسات اقتبسها الاخرون مستثناة من ذلك لمنع التحيز. وهكذا ، إذا كان بلد ينتج 10 ٪ من المؤلفات العلمية في العالم ولكن لا يتحصل إلا على 5 ٪ من جميع الاقتباسات في بقية أنحاء العالم سيكون مؤشره 0.5. وجاء في جدول التنافس الذي أعده في 2006 المجلس القومي الأميركي للعلوم لأعلى 45 دولة في العالم مرتبة في اختبار RCI
في الفيزياء ، اثنتان فقط من دول منظمة المؤتمر الإسلامي حيث سجلت تركيا 0.344 و إيران 0.484 - وهذه الأخيرة فقط تظهر تحسنا ملحوظا ما بين عامي  1995 و 2003.

هذه الإحصاءات البسيطة تكشف مدى تقوقع العلماء في الدول الإسلامية عن بقية العالم بضعف. ولكن كان هناك بعض العلماء المسلمين البارزين ، أهمهم عالم الفيزياء النظري الباكستاني محمد عبد السلام (1926-1996) الذي كان يحلم بالنهضة العلمية في العالم الإسلامي.فهو واحد من أعظم العلماء في النصف الثاني من القرن العشرين فقد تقاسم في عام 1979م جائزة نوبل للفيزياء مع جلاشو شيلدون وستيفن واينبرغ لدوره في تطوير نظرية متعلقة بالكهرومغناطيسية الضعيفة : في واحدة من اقوى واجمل النظريات في العلم ، فهو يصف كيف يمكن لاثنتين من القوى الأساسية الأربعة للطبيعة (القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة) الارتباط(1).

على الرغم من أن عبد السلام كان مسلما تقيا ،لكن ُطرد من باكستان في السبعينات بسبب معتقداته الدينية غير القويمة وانضمامه إلى طائفة اسلامية غامضة نسبيا تسمى الأحمدية(2) . ورغم ذلك بقي مخلصا لبلاده وعمل بلا كلل لتعزيز العلوم في العالم الإسلامي. ولكن لم يتحقق حلم عبد السلام وترك وراءه النقد الصريح التالي : "من بين جميع الحضارات على هذا الكوكب ، العلم هو الأضعف في ديار الإسلام
. إن المخاطر المترتبة على هذا الضعف لا يمكن توكيدها أكثر من اللازم نظرا لان الحياة الكريمة لأي مجتمع تعتمد مباشرة على علومه وتكنولوجيته في وضعية هذا العصر ".
                                                
المواقف المعوقة
مشكلة واحدة هي أن الكثير من المسلمين يرون ان العلم الحديث علماني و بنية غربية بل الحادي ، ونسوا العديد من المساهمات الرائعة التي قدمها علماء المسلمين في ذروة العصر الذهبي الذي بدأ في النصف الأول من القرن التاسع الميلادي واستمرت لعدة قرون. فقد تم إحراز تقدم باهر في كل شيء ابتداء من الرياضيات والفلك والطب انتهاء بالفيزياء والكيمياء والهندسة والفلسفة. وكان عصر تجسدت فيه روح التحقيق العقلاني في حين كانت معظم دول أوروبا غارقة في العصور المظلمة.

ولكن حرية الفكر هذه المحركة بالسعي المتطلع للمعرفة انحطت ببطء . وأود أن أوضح أن هذا الكساد وقع بعد عدة قرون على عكس ما يعتقد الكثيرون في الغرب ، لان التقدم
الأصلي في الطب والرياضيات وعلم الفلك استمر ، ليكتمل في القرن الخامس عشر. مع ذلك الانخفاض التدريجي الذي تم حدث لأسباب متنوعة ، ويرجع ذلك أساسا إلى التشرذم السياسي للإمبراطورية الإسلامية ، وحكام ضعفاء لا رغبة لديهم لرعاية العلم والتعلم. كل هذا تزامن مع عصر النهضة في أوروبا المتحركة في الاتجاه المعاكس ، والتي تسببت في الثورة العلمية في القرنين السادس عشر والسابع عشر . أضف إلى ذلك في وقت لاحق تأثير الاستعمار الذي أدى إلى نوع من الشعور بالتذمر وفقدان الذاكرة الجماعية داخل العالم الإسلامي لتراثه الثقافي الخصب ، ويمكن للمرء أن يرى ان حجة الضعف والكسل الفكري هي التي يجب أن تلام على ردة الفعل السلبية المضادة للعلم من الإسلام الأكثر محافظة.

ومع ذلك ، فإنه أمر محزن لكنه حقيقي أن العديد من الأديان اليوم في مختلف أنحاء العالم ترى في التخصصات العلمية الحديثة - مثل علم الكونيات أو التطور- تقويض لنظم اعتقاداتها. مقارنة وجهة نظرهم مع وجهة نظر العالم الموسوعي الكبير الفارسي البيروني (973-1048) اذ يقول : "إن الناقد العنيد سيقول :' ما هي الفائدة من هذه العلوم؟ انه لا يعرف الفضيلة التي تميز بها البشر عن كل الحيوانات : هي المعرفة ، بشكل عام ، الإنسان فقط هو من يسعى لها بتأني، لأجل المعرفة ذاتها ، وذلك لأن امتلاكها امر ممتع حقا ، على خلاف المتع المرغوبة من المساعي الأخرى . لان كل خير لا يمكن جلبه وكل شر لا يمكن تجنبه إلا عن طريق المعرفة ، فأي منفعة اذن أكثر وضوحا؟ و إي استعمال يكون أكثر وفرة ؟ " الحمد لله ، يكفي ان المسلمين يرفضون الآن فكرة أن العلم والإسلام غير متوافقين. في الواقع ، في ظل المناخ الحالي من التوتر
والاستقطاب بين العالم الإسلامي والغرب ، فإنه ليس من المستغرب أن العديد من المسلمين يشعرون بالسخط عندما اتهموا بعدم جاهزيتهم ثقافيا أو فكريا لتحسنهم عندما يتعلق الأمر بالمنجزات العلمية.

                                           المطلوب إصلاح
أكثر بكثير من حجة أن التدين المحافظ الذي يعوق التقدم العلمي في العالم الإسلامي هي النظم الإدارية والبيروقراطية العتيقة التي ورثت الكثير من بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي منذ فترة طويلة من القوى الاستعمارية و لم يتم استبدالها ، ويضاف إلى ذلك عدم وجود الإرادة السياسية للإصلاح ، والتصدي للفساد والتفحص بدقة فشل النظم التعليمية والمؤسسات والسلوكيات. لكن الحمد لله ، الأمور تتغير بسرعة.

فمن الأهمية بمكان أن نذّكر ان كلا من المسلمين وغير المسلمين بزمن لم يكن فيه الإسلام والعلم على خلاف ، وإن كان ذلك في عالم مختلف جدا. وهذا أمر مهم ليس فقط لازدهار العلم مرة أخرى في العالم الإسلامي ، ولكن أيضا باعتبارها واحدة من الطرق العديدة نحو المستقبل الذي يرى المسلمون فيه قيمة البحث العلمي المدفوع بحب الاستطلاع ، تماما كما فعلوا منذ 1000 سنة.

أما بالنسبة كيف يمكن أن يتحقق ذلك ، فإن الخطوة الأولى الواضحة هي الاستثمار المالي الجدي. ولقد ثبت مرارا وتكرارا أن الميزانيات الكبرى للعلوم تشجع النشاط العلمي أكثر ، فكثير من الحكومات الإسلامية - من ماليزيا إلى نيجيريا - تستثمر حاليا مبالغ مذهلة جدا من المال في مشاريع جديدة ومثيرة في محاولة لإنشاء مؤسسات بحثية عالمية المستوى . على سبيل المثال ، حكام العديد من دول الخليج يبنون جامعات جديدة مع
عمالة مستورد من الغرب لكل من الإنشاء والتوظيف.
لكنها ليست مجرد مسألة صرف المال
فتحل المشكلة. والأهم من ذلك هو وجود الإرادة السياسية للإصلاح ، وضمان حرية حقيقية للتفكير. على سبيل المثال ، فقد أكد نادر فرجاني - الكاتب الرئيسي لتقرير الأمم المتحدة للعام 2002حول التنمية البشرية العربية - أن ما هو مطلوب قبل كل شيء هو إصلاح المؤسسات العلمية ، واحترام حرية الرأي والتعبير ، وضمان تعليم عالي الجودة للجميع ، وتحول سريع إلى مجتمعات أساسها المعرفة وعصر المعلومات.
                                            المشاريع المتطلعة

دعونا ننظر بإيجاز إلى الشرق الأوسط ، حيث يمكن للمرء أن يجد عددا من المشاريع الجديدة والمثيرة التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة داخل المنطقة. المشروع الأول هو حديقة العلوم الجديدة التي افتتحت في ربيع عام 2009 في مدينة مترامية الأطراف تسمى المدينة التعليمية في ضواحي الدوحة ، عاصمة قطر ، والتي هي موطن لعدد من فروع بعض الجامعات العالمية الرائدة ، بما في ذلك جامعة كارنيجي ميلون وتكساس A&M ونورث وسترن. وحديقة قطر للعلوم والتكنولوجيا ، بالقرب أيضا من المدينة التعليمية ، تأمل أن تكون مركزا للشركات عالية التكنولوجيا من مختلف أنحاء العالم التي يتصور المرء أنها  سوف تحاول ان تحاكي نجاح وادي السليكون في كاليفورنيا(3).

تماما كما هو طموح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الجديد ذات10بليون دولار(KAUST) ، التي اكتملت لتوها على الساحل الغربي
للمملكة العربية السعودية بالقرب من مدينة جدة . وبشكل لا يصدق ،ان الحرم الجامعي الواسع لهذه الجامعة ذات البحوث الدولية - المجهزة باحدث المعامل وميزانية 1.5بليون دولار لوسائل البحوث على مدى سنواتها الخمس الأولى - بُني من لا شيء في أقل من ثلاث سنوات. في خطوة رائدة ، فهي أول مؤسسة مختلطة تماما في المملكة العربية السعودية مما يسمح للنساء بالجلوس إلى جانب الرجال في قاعات المحاضرات وليس في غرف منفصلة. والجامعة تعد بمنح الباحثين حرية لتكون خلّاقة ومجسد أعلى المعايير الدولية في البحث والتعليم. وجرى تصميم هذا البرنامج لدعم البحوث في البلاد في مرحلة ما بعد النفط في المستقبل في مجالات رئيسية مثل استغلال الطاقة الشمسية وتطوير المحاصيل التي يمكنها البقاء في البلاد الحارة والمناخ الجاف.وقد كانت العديد من الجامعات الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة يطالبون أن تكون مرتبطة بالدوافع العلمية – كما يأمل المرء - بدلا من الدوافع المالية.

المثال الأخير هو مشروع يسمى السيسيم SESAME (ضوء السينكروترون(4) للعلوم التجريبية وتطبيقاتها في الشرق الأوسط) ، والذي سيكون مركز البحوث الدولية الرئيسي الأول في المنطقة كمشروع تعاوني من قبل العلماء والحكومات في المنطقة. عندما قررت ألمانيا في عام 1997م بوقف تشغيل منشأة ابحاث السينكروترون الخاص بها  BESSY
، وافقت بالتبرع بمكوناته إلى مشروع السيسيم ، والذي تم وضعه بسرعة تحت رعاية اليونسكو. والآن يجري بناؤه في الأردن ، والذي كان لمحاربة المنافسة القوية من دول أخرى في المنطقة. البحوث التي يتعين الاضطلاع بها في مشروع السيسيم هذا ستشمل علم المواد والبيولوجيا الجزيئية ، وتكنولوجيا النانو ، والتصوير بالأشعة السينية ، وتحليل الآثار والتطبيقات الطبية السريرية. عضويته الحالية ، جنبا إلى جنب مع الدولة المضيفة ، تشمل إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ومصر وتركيا و إيران وباكستان والبحرين وقبرص ، وهذه المجموعة من المرجح أن تتوسع لتنضم عدة بلدان أخرى إليه. العلم الجديد ينبغي ان يبدأ في عام 2012.

                                            مواجهة المستقبل

لذا ، هل هناك مستقبل أكثر إشراقا قدما للعلوم في العالم الإسلامي؟ بالطبع فالباحثون العلميون يتطلبون موارد مالية كافية ، ولكن التنافس على المسرح العالمي يتطلب أكثر من مجرد أحدث المعدات المصقولة فالبنية التحتية الكاملة لبيئة البحث تحتاج آليات لكي تكون موجهة،ابتداء من فنيي المختبرات الذين يفهمون كيفية استخدام وصيانة المعدات اللازمة انتهاء بممارسة الحرية الفكرية الحقيقية من جانب العلماء ، مرورا بالشك الصحي والشجاعة لاستجواب النتائج التجريبية. ان ثقافة التغيير هذه لن تحدث بين عشية وضحاها ولا تتطلب إرادة سياسية فحسب ، إنما تتطلب أيضا فهم المعنى الحقيقي لكلا من الحرية الأكاديمية والمنهج العلمي نفسه. للأسف هذا يمكن أن يكون مفتقر إليه في كثير من الأحيان بقدر ما حتى في الغرب.

عصر النهضة المؤدي إلى مجتمع قائم على المعرفة مطلوب بشدة إذا كان العالم الإسلامي يتقبل ويتبنى ليس فقط أساسيات مختبرات الأبحاث الحديثة بمسرعات الجسيمات
المصقولة ، والمجاهر الإلكترونية التي توجد فيها ، ولكن أيضا أن روح التطلع التي تدفع البشر في محاولة لفهم الطبيعة ، سواء كانت أعجوبة في الخلق الإلهي ، أو لمجرد أن يعرف لماذا وكيفية الأشياء تكون.

                                          العصر الذهبي للعلوم
وقعت أكبر فترة من التقدم العلمي المطرد خلال السنوات 1500 في الفترة ما بين عصر الإغريق القديم وعصر النهضة الأوروبية في مراكز كبرى للتعليم في جميع أنحاء الإمبراطورية الإسلامية في العصور الوسطى ، مثل بغداد والقاهرة وقرطبة و سمرقند. على سبيل المثال ، فإنه في بغداد نجد أول كتاب بِشان الجبر (يسمى كتاب الجبر ، الذي اشتق منه كلمة "الجبر" algebra). وكان على عكس ما عُرف من قبل ، وتحولا مهما في التفكير من أعمال عالم الإعداد الإغريقي ديوفانتوس Diophantus (5) . كتبه عالم الرياضيات الخوارزمي في القرن التاسع فأثار العديد من التقدم في الرياضيات ، وعلى نفس المنوال إلى القرن الخامس عشر العالِم الفارسي الكاشي al-Kashi (6) في سمرقند (الذي من بين إنجازاته الأخرى ، حساب نسبة π إلى 16 منزلة عشرية) ، وذلك قبل استعادة الأوروبيين زمام المبادرة في الرياضيات مرة أخرى. وإنشاء الخليفة العباسي المأمون أكاديمية جديدة في بغداد - بيت الحكمة – و بنى المراصد في بغداد ودمشق ورعى المشاريع العلمية الضخمة التي أدخلت تحسينات واسعة على أعمال علماء الفلك والجغرافية اليونانيين مثل بطليموس ، التي كان قد ترجمها العلماء المسلمون والمسيحيون واليهود في أكاديمية بغداد إلى اللغة العربية.

التقدم في مجال الطب والتشريح من قبل العلماء مثل الرازي وابن سينا من شأنه أن أدى أنّ النصوص العربية حلت محل أعمال اليونانيين مثل أبقراط و جالينوس في مكتبات أوروبا في القرون الوسطى. وقد أثر العمل الفلسفي لابن سينا وابن رشد على علماء أوروبا المتأخرين مثل روجر بيكون والقديس توما الاكويني. واخترع طبيب قرطبة الزهراوي أكثر من 200 من الأدوات الجراحية - كثير منها لا تزال تستخدم حتى اليوم ، مثل المبضع والحقن الجراحية. في مثل هذا الوقت ، نشهد أيضا ولادة الكيمياء الصناعية ، مع الأساليب العلمية المتطورة التي يجري استخدامها بشكل ملحوظ خلال الممارسة العشوائية للكيمياء ، والتقدم في مجالات مثل البصريات من أمثال ابن الهيثم (الخازن Alhazen) الذي لن يجاريه عالم حتى نيوتن!. كانت اللغة الدولية للعلوم هي اللغة العربية لفترة تمتد على مدى أكثر من نصف الألفية.
***
ملاحظات المترجم :
* نشرت هذه المقالة في موقع www.Physicsworld.com في الاول من ابريل 2010م
** جيم الخليلي عالم فيزياء نووية ، يشغل كرسي مشارك في العلوم العامة في جامعة سري Surrey  في المملكة المتحدة. وهو أيضا مذيع ومؤلف كتاب بيت الحكمة ، الذي سينشر في سبتمبر من قبل دار النشر بنجوين Penguin  
1/ القوى الأساسية الأربعة للطبيعة:هي قوة الجاذبية والقوى الكهرومغناطيسية والقوتين النوويتين القوية والضعيفة
2/ الاحمدية : حركةٌ دينيةٌ نشأت عام 1900م بإقليم (البنجاب) بالهند - باكستان حالياً - وأُطلق عليها (الأحمدية) أيضاً، نسبةً إلى مؤسسها (ميرزا غلام أحمد)، وتسميتها بـ (القاديانية) نسبةً إلى (قاديان)، وهي قرية تقع بإقليم (البنجاب)، وتبعد بنحو ستين ميلاً عن (لاهور)، وهي التي ولد فيها مؤسس هذه الحركة عام 1839م ولهم أتباع منتشرون في الهند وألمانيا وإنكلترا وأمريكا ، ولهم فيها مساجد.

3/ وادي السليكون في كاليفورنيا: جزء من كاليفورنيا في المنطقة مابين سان فرانسيسكو وسان خوزيه ، وهو مركز لصناعة الحاسوب ، فالعديد من الاختراعات ظهرت في تلك المنطقة والشركات الصغيرة والكبيرة في صناعة الحاسوب – قطع وبرمجة- بنيت هناك ، وسمي وادي السليكون لان صناعة الحاسوب معتمدة على رقاقة السليكون.

4/ السينكروترون: السينكروترون ـ جهاز تسريع الإلكترونات في حين  السيكلوترون  جهاز تحطيم نوى الذرات و يُستخدمان لزيادة طاقة الذرات ويحتاج كلاهما لفراغ عال.

5/ ديوفانتوس: المسمى أبو الجبر، والذي كان على الأرجح إغريقيًا.

6/ الكاشي: غياث الدين الكاشي (ت 828هـ، 1224م) في مؤلفه كتاب مفتاح الحساب، وقد ذكر النسبة بين محيط الدائرة وقطرها (باي) بالكسر العشري في كتابه الرسالة المحيطة ولم يسبقه أحد في الوصول إلى هذه النسبة الدقيقة.

***
ملاحظة :

نشر هذا المقال في صحيفة الجمهورية (اليمنية) بتاريخ 7يونيو2010م 

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015