»نشرت فى : الخميس، 28 أبريل 2011»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

الطور الخامس للمادة*



..في عالم 1900م ظهرت بوادر نظرية ميكانيكا الكم (Quantum mechanics) على يد العالم الألماني ماكس بلانك والتي تصف إشعاع الضوء الصادر من مادة ساخنة ثم تطورت هذه النظرية لتصف العالم الداخلي للذرة .
وبتطور هذه النظرية وصل العلماء إلى قواعد جديدة لهذا العالم المتناهي في الصغر فمن هذه القواعد أن المادة والضوء على مستوى الذرة يكونان لهما حالتين في آن واحد فيمكن للضوء أن يتصرف كجزيئات (particles) وكموجات (waves) في نفس الوقت وهذه الثنائية الغريبة وصفتها معادلة شرودنجر (Schrodinger's wave equation) وجاء قانون عدم اليقين للعالم (هازنبرج) فلا شيء مؤكد في العالم الذري كل شيء هناك يجري على الاحتمال..
وهكذا أصبح لنا عالمين العالم المشاهد لدينا والذي تحكمه قوانين نيوتن واينشتاين في الحركة والعالم الذري والذي تقوم قوانينه على عدم اليقين فأصبح لكل عالم قوانينه..
فكان من العلماء أن صنعوا مادة جديدة تقف على خط التماس بين هذين العالمين مادة نعمل وفق ميكانيكا الكم كما أنها تتطفل في عملها على قوانين العالم المشاهد أطلقوا على هذه المادة اسم (BECs ) واعتبروها الطور الخامس للمادة ...


ما هي BECs؟..

في عام 1920م فكر العالم الكبير ألبرت اينشتاين وكذلك العالم الهندي satyendra nath bose كلا على حده عن مادة يمكن أن توجد بين عالم الفيزياء المشاهد وعالم ميكانيكا الكم ( كان هذا الكلام وميكانيكا الكم في طور نشأتها ) ..
اينشتاين تساءل متعجبا: إذا كانت هذه المادة موجودة فإنها ستكون غريبة !!!
وبالفعل وبعد75 عاما من ذلك التاريخ تم صُـنع هذه المادة في المختبر وأطلق عليها اسم (Bose-Einstein condensates) نسبة للعالم Bose و Einstein وتختصر بـ BECs.
في عام 1995 قام العالم الفيزيائي ( ولفجانج كارتل) من معهد MIT (ماساتشوستس للتكنولوجيا) بصناعة BECs وذلك بتبريد غاز من ذرة الصوديوم إلى بضع مائة مليون درجة فوق الصفر المطلق بحيث تكون أكثر برودة من الفضاء بين النجوم بمليون مرة ؟!!
في مثل هذه الدرجات المنخفضة أصبحت الذرات تتصرف كموجات اقرب منها جزيئات وبواسطة اشعة الليزر وحواجز المغناطيس تداخلت بضعة مليون ذرة من هذه الذرات مكونة عملاق وحيد ( بالمقاييس الذرية) من هذ المادة الموجية حول مليمتر أو بعرض ذلك.
يقول عنها كارتل " صور BECs يمكن ان تعبر عن وظيفة الموجة" تلك حلول معادلة شرودنجر .


 
العالم( كارتل) من معهد MIT (ماساتشوستس للتكنولوجيا) احد الذين صنعواالـ
BECs



ولم يكن كارتل هو الوحيد الذي صنع هذه المادة لكن في نفس السنة قام – وبشكل منفصل - كل من ( ايريك كورفيل) من المعهد الوطني للمعايير والتقنية و( كارل ويمان) من جامعة كلورادو مستخدمين هذه المرة ذرات الربيديوم فائقة التبريد في صناعة BECs ، ليحصل الثلاثة كل من كارتل وكورفيل وويمان على جائزة نوبل في الفيزياء لهذا الانجاز .
جاء في تقرير الجائزة" لانجاز BECsمن الغازات المخففة في الذرات القلوية وللدراسات المبكرة الأساسية حول خصائص التكثيف.


خصائص BECs

..إذا أنشأنا اثنين من BECs ووضعناهما معا فلا يختلطان كالغاز العادي أو يتصرفا كجزيئين صلبين لكنهما يتداخلان كالأمواج والنموذج المتكون يعتمد على الأمواج فإذا تداخلت قمتان يحدث تداخل بـّناء بالتزامن بينهما اما إذا التقت قمة مع قاعدة يحدث تداخل تدميري وهذا يشبه تداحل موجات لحجرين رميا في بركة. عند التداخل التدميري لن نحطم الذرات لن ما يختفي هنا سيظهر في مكان آخر في النموذج المتكون وبذلك يظل العدد الكلي للذرات محفوظا.
..ليست كل الذرات يمكن ان تشكل BECs فقط التي تحتوي أعدادا زوجية من النيترونات والالكترونات والبروتونات لذلك اختار (كارتل) ذرة الصوديوم لصناعة الـ BECs الخاصة به لان الصوديوم مجموع نيتروناته والكتروناته وبروتوناته هو 34 . المواد ذات الاعداد الفردية ونظائرها لا تشكل BECs وهذا غريب لكنه الواقع؟!!!
ان الـ BECsكبيرة بما يكفي لرؤيتها وهنا يكمن وعدها المرجو منها...
(كارتل ) اليوم يجري تجاربه على ذرة نبضة ليزر.
..في الغاز العادي الذرات تتحرك بعشوائية في كل الاتجاهات لكن في BECs كل الذرات تتحرك وتنتشر في اتجاه واحد ..
وللمقارنة بين ذرات ليزر ( من نوع BECs) وضوء ليزر فاشعاع الليزر له كتلة لذلك ينحني بسبب الجاذبية الارضية وكذلك يعبر الهواء بسرعة لكن ذرات الليزر ستكون مفرقة جوهريا بواسطة جزيئات الهواء يقول (كارتل) "تحتاج إلى فراغ للحفاظ على خواصها" .


آفاق مستقبلية

..العديد من تقنيات اليوم كرقائق الحواسيب السريعة وأنظمة كهروميكانيكية دقيقة (MEMS() وكمبيوترات دقيقة بكمن في المنطقة الواقعة بين عالم الذرة والعالم المشاهد لذلك يتمنى العلماء دراسة BECs ليطوروا تلك التقنيات ويقدموا شيئا جديدا.
ويلاحظ ( كارتل) ان خصائص الـ BECsلن تحسن – على سبيل المثال- مشغلات CD أو الماسحات الضوئية لكنها ستستخدم في مجالات الساعات الذرية الافضل ( والتي ستحسن من ملاحة ركبات الفضاء في nasa ) وبصريات ذرية والطباعة الناعمة ، لكن من يعرف إلى تقودنا BECs ؟ مع ذلك البشر ما زالوا يطورون هذا الكوكب بالمواد الصلبة والسائلة والغازية ويستعملون إبداعاتها ، والـ BECs ما نزال في بداية الطريق
* نشرت في الملحق العلمي لمجلة العربي مايو2009

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015