»نشرت فى : الأحد، 16 أكتوبر 2011»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

لو قرأنا التاريخ

التاريخ المبسوط بين أيدينا ما هو إلا خلاصة الجهد البشري مسطرا على أوراق سواء البردي أو أوراقنا المعاصرة أو أقراص الكمبيوتر أو أي وسيلة لتدوينه. وفي مطالعتك للتاريخ تجد شتى العلوم الإنسانية من فلسفة وأدب وعلوم أيضاً خلاصة ما مضى ليكون ذخيرة لبناء ما سيأتي كما ينبغي أن يكون..

وخطيئة العرب الكبرى أنهم يقرأون التاريخ كما يطالعون ألف ليلة وليلة أو الزير سالم أو غيرها من الأساطير للتسلية ومعرفة الحكاية وكأننا ـ كعرب ـ نبحث في التاريخ عن الحكاية وجودة القصة وأبطالها وتحركاتهم وتلك هب خطيئتنا.. التاريخ لم يدون من اجل ذلك ـ وإن كان فيه من هذا شيء ـ لكنه دون للعظة والعبرة واستخلاص التجارب بل خلاصة التجارب والعبر من جهود الأمم التي صنعت هذا التاريخ الذي بين أيدينا فنحن يجب أن نقرأ مستبصرين لما فوق السطور وبين السطور وتحت السطور أيضا لتكون للتاريخ قيمته وأهميته فلو طالعنا تاريخنا العربي الممتد خلال القرون الغابرة من قبل الرسالة المحمدية حتى اليوم لوجدنا دورة التاريخ تعود من جديد فيدور دولابها كل حقبة من الزمن وكأنما التاريخ يعيد نفسه لكن بشخوص أخرى وأماكن وأزمنة جديدة ولكن الأحداث كثيرة الشبه والأحوال متقاربة إلى حد التطابق في بعض الأحيان.. وكأن مغول الأمس الذين دخلوا بغداد في 656 هـ تحت قيادة هولاكو في أواخر العصر العباسي هم اليوم مغول الغرب الذين اجتاحوا بغداد في 2003 م ما تبدل التاريخ وإن تبدلت أدواته وشخوصه ودعونا نقارن :
< ابن العلقمي في بغداد الذي سهل للمغول دخولهم في ذلك العهد هم غلاة الشيعة اليوم الذين سهلوا للأمريكان غزوهم الحديث.
< ضعف سيطرة الحاكم العباسي على الخلافة وانفصال الأقاليم منه في ذلك الزمان هو قريب الشبه بانفصال كردستان من العراق في أوائل التسعينيات من عصرنا اليوم.
< تمزق الدويلات الإسلامية في ذلك الزمان من إخشيدية وفاطمية و حمدانية...الخ هو اليوم نفس الحال من تمزق دويلاتنا الإسلامية!!!
وبعد هذا أليس التاريخ يعيد نفسه وإن تبدلت أدواته ؟!!
هذه السنة الكونية ـ إن صح التعبير ـ تجعل على العرب أن يراجعوا تاريخهم ملتمسين العظة والعبرة في ما مضى لصناعة المستقبل فلو قرأنا التاريخ ما كانت مآسينا الممتدة من بغداد إلى القدس.في أواخر الخمسينات وبالتحديد في عام 1958 م صارت وحدة بين سوريا ومصر وليبيا فيما عرف بالجمهورية العربية المتحدة تلك الوحدة وإن تناثرت أجزاؤها في عام 1961 م لكنها كانت من لمحات التاريخ الجميلة لأن تلك الوحدة منسجمة في غاية الانسجام مع التاريخ إذ تعيد إلى الأذهان ربط صلاح الدين الأيوبي الشام ( التي منها سوريا) مع مصر لمواجهة الغزو الصليبي الذي احتل بيت المقدس وكانت تلك الوحدة هي الخطوة الأولى لبداية التحرير التي توجت في معركة حطين الخالدة عام 583 هـ بعد 90 عاما من احتلال الصليبيين لبيت المقدس.. وعندنا في اليمن لو قرأنا التاريخ لوجدنا أن أجدادنا أصحاب حضارة سبأ ومعين وما تلاها بنوا السدود ما يفوق العدد ويكفيك في ارض يحصب ( قاع الحقل اليوم) كان هناك ثمانون سدا على حد تعبير الشاعر:
وفي البقعة الخضراء من ارض يحصب
ثمانون سداً تقذف الماء سائلا
 لكننا اليوم لا نجد عُشر هذا العدد من السدود في نفس البقعة الخضراء في ظل حضارة وتكنولوجيا القرن الحادي والعشرين من روافع وأدوات بناء عملاقة.!!!!
وفي شبام تريم التي تنتصب عليها ناطحات السحاب الأولى في العالم ( ولو من الرمل) والتي لا يلتفت إليها احد حتى احتضنها بالاهتمام جونتر جراس الروائي العالمي أقول هذه الناطحات السابقة ماذا كان جنينها اليوم في ظل حضارة القرن يا أخوة.. استحي أن أقول لاشيء لا لشيء لكن لأننا لم نقرأ التاريخ...

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015