»نشرت فى : الأربعاء، 12 سبتمبر 2012»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

آراء هوكينج

هوكينج



طلع علينا العالم الانجليزي ستيفن هوكينج Stephen Hawking في شهر سبتمبر الماضي 2010م بكتابه الجديد التصميم العظيم Grand Design The والذي عرض فيه رؤيته الجديدة للكون بعد ان قدّم رؤية سابقة عام 1988م في كتابه ذائع الصيت تاريخ مختصر للزمن A Brief History of Time والذي ترجم لأغلب اللغات – ومنها العربية- وجاء فيه (لا بد ان يكون هناك كائن خارج الكون يراقبه لكي تنهار الدالة الموجية للكون لتصبح الواقع الذي نشاهده ، فبدون هذا المراقب الخارجي سيتبخر الكون إلى دالة احتمال؟!!) وقال أيضا ( إذا اكتشفنا نظرية متكاملة (للكون) ، فإنه سيكون في نهاية المطاف انتصار للعقل البشري -- اذ أننا سنعرف عقل الإله) وهنا هلل الذين يريدون دليلا (علميا) لوجود الله!!! والله غني عن هذا الدليل ... 
لكن هوكينج خيب ظنونهم ونسف كل ما قاله سابقا بما جاء في الكتاب الجديد التصميم العظيم حيث يقول ( إن الكون نشأ بصورة عفوية، وان الانفجار العظيم كان نتيجة طبيعية لقوانين الفيزياء إنه لا ضرورة لوجود خالق حتى يضع الكون في مساره وإن الخلق هو عملية عفوية).. فأصبح الخلق لديه مجرد عملية فيزيائية مجردة من أي تدخل خارجي ...
وقد حظي هذا التصريح بصدى واسع في وسائل الإعلام العالمية وأجرت قناة CNN مقابلة مع هوكينج في سبتمبر الماضي  في برنامج CNN LARRY KING LIVE تحت عنوان ستيفن هوكينج ، العلم والدين  Stephen Hawking; Science and Religion حيث أجاب هوكينج إجابات مقتضبة لتساؤلات المذيع حول كتابه الجديد .. وجاء في تصريح علماء الفيزياء تعليقا على الكتاب فيقول فرانك كلوز، فيزيائي نظري بجامعة اوكسفورد ( نظرية إم (التي بنى عليها هوكينج نتائجه) لا تزيد الى الجدل حول الخالق ولا تنقص منه ولو بقدر مثقال ذرة) أما غراهام فارميلو ، أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة نورث وسترن الأميركية وكبير الباحثين بالزمالة في متحف العلوم بلندن فيقول ( يبدو أن هوكينج يعتقد أن بالوسع تبني نظرية إم بدلا عن فكرة وجود خالق للكون. والخبراء يطمئنونا إلى الاحتمالات الهائلة التي تفتحها هذه النظرية، وأنا على استعداد لتصديقهم، لكن إحدى المشاكل الكبرى المتعلقة بهذه النظرية هي أن اختبارها يظل غاية في العسر الى أن يتمكن الفيزيائيون من بناء مسرِّع للجزيئات في حجم مجرّة كاملة)! ويضيف قائلا ( من الطبيعي أن يجتذب موضوع الدين والعلوم أعدادًا هائلة من الناس، ولذا فهو أفضل نوع من الدعاية والوسيلة الأسرع لبيع كتاب ما )..

العلم والإيمان

نحن في الشرق الذين بلينا بالتخلف العلمي الظاهر للعيان صحيح اننا بعيدون عن مجرى البحث العلمي العالمي لكن قضية كتاب هوكينج الجديد تهمنا لأنها تناقش أهم أمر لدينا في العقيدة بل المسألة الكبرى وهي مسألة وجود الله تعالى ..الذي أراه أن هوكينج وغيره لهم الحق أن يقولوا ما يشاءون في عرض نتائجهم العلمية أو حتى استنباطاتهم النظرية لأمور الكون لكن قضية الإيمان بأمور الغيب ووجود المولى عز وجل قضية عقدية لا دخل للعلم في ان يثبتها أو ان ينفيها بل ليست هذه القضية ضمن مجال البحث العلمي للعلوم الطبيعية أصلاً .. فالعلوم الطبيعية مجالها هو عالَم المادة – سواء الكبير كالكون أو الصغير الذرة – وليس مجالها رب المادة وعالَم الغيب الميتافيزيقي ، وكل محاولة لربط الغيوب بحيثيات العلم الحديث هو خطأ نقع فيه فنظلم العلم والدين على السواء لأن لكل واحد منهما مجال بحثه وما يحدث لدينا من عواطف جياشة مقابل كل بحث علمي ( يطابق) أو (يقارب) حيثية دينية لدينا ناتج من عدم وضوح المنهج للتعامل مع العلم الطبيعي والدين السماوي وكرّس لهذا الخلط ما نشاهده من (موضات) (الإعجاز العلمي ) في القرآن الكريم والتي تحتاج وقفة للنقاش وان شاء الله يكون ذلك في قابل الأيام ..
ولنتذكر من أقوال العقلاء من الغرب أنفسهم في قضية خلط العلم التجريبي بالإيمان التجريدي يقول لورانس كراوس ، أستاذ الفيزياء والفلك بجامعة بيل ( إن الإيمان بالله يجب إن يظل مسالة عقدية لا استنتاجا علميا ) وأختم بعبارة الروائي الانجليزي سومرسـت موم)إن أوربا قد نبذت اليوم إلهها ، وآمنت بإله جديد هو العلم ، ولكن العلم كائن متقلب ، فهو يثبت اليوم ما نفاه بالأمس ، وهو ينفي غداً ما يثبته اليوم ، لذلك تجد عبّاده في قلق دائم ، لا يستقرون !(.
***


ملاحظة :

نشر هذا المقال في صحيفة الجمهورية (اليمنية) بتاريخ 6ديسمبر 2013م 

نشر هذا المقال في موقع منظمة المجتمع العلمي العربي بتاريخ 19أبريل 2014م 

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015