طور سادس للمادة
.. الذي يظن أن للمادة ثلاثة أطوار هو مخطئ لا محالة ولم يصب من الحقيقة إلا نصفها لأن العلماء اليوم يعدون ستة أطوار للمادة ،الأطوار الثلاثة المعروفة صلبة وسائلة وغازية إلى جانب البلازما plasma الطور الرابع للمادة الذي نراه في أنابيب النيون والنجوم، ومن ثم طوران آخران تم صناعتهما في المختبر الأول تكاثف بوزاينشتاينBose-Einstein condensates ويختصر بـ BECs والذي تم تصنيعه في عام 1995م ويعد الطور الخامس للمادة ( لمزيد من التفاصيل حول هذا الطور راجع مقالة الطور الخامس للمادة العدد48 من هذا الملحق العلمي لمجلة العربي الكويتية عدد مايو 2009م)
والآخر هو التكاثف
الفيرموني Fermionic condensates
والذي تم تحضيره في أواخر عام 2003م ويعد الطور
السادس للمادة.
ولكي نفهم هذا الطور
الجديد دعونا نبدأ من تكاثف بوز اينشتاين نظرا لارتباطهما معا.
بوزونات وفيرمونات
..تتصرف الذرات بشكل
مختلف جدا قرب الصفر المطلق اعتمادا على زخمها الزاوي spin
فالجسيمات ذات قيم spin صحيحة يمكن أن تتجمع في نفس الحالة الكمومية Quantum
state وتسمى بوزونات bosons ومثال ذلك في العالم الذري الفوتونات photons
وكذلك أي ذرة لها عدد زوجي من مجموع البروتونات
والنيترونات والالكترونات مثل الصوديوم والربيديوم ( اللذين منهما تم صُـنع تكاثف
بوز اينشتاين في عام 1995 م) أما الفيرمونات Fermions فذات قيم spin كسرية ولا يمكن أن تتجمع في نفس الحالة الكمومية نظرا لمبدأ باولي
للاستبعاد Pauli Exclusion Principle والذي ينص على انه لا يمكن أن يوجد إلكترونان أو أكثر في نفس
الحالة الكمومية .. ومثال على الفيرمونات في العالم الذري الالكترونات والبروتونات
وكذلك أي ذرة لها عدد فردي من مجموع البروتونات والنيترونات والالكترونات مثل البوتاسيوم
( الذي منه تم صُـنع التكاثف الفيرموني في عام 2003 م) .
لذلك لمّا تم صُـنع
تكاثف بوز اينشتاين من البوزونات عام 1995م توجه العلماء إلى محاولة صناعة مشابه
له لكن من الفيرمونات فكان عليهم أن يتجاوزوا مبدأ استبعاد باولي ليتم لهم ذلك
ولكن كيف ؟
..تعود بنا الذاكرة الى عام 1957م حيث اقترح
كل من جون باردين وليون كوبر، وجون شريفر أن الالكترونات ( وهي نوع من الفيرمونات)
يمكن أن تتزاوج لتكوين ما عُـرف بأزواج كوبر cooper
pair مثل هذه الأزواج يمكن أن تتصرف كالبوزونات
فإذا أمكن فعل نفس الشيء على ذرات فيرمونية Fermionic
atoms
فان التكاثف الفيرموني ممكن الحدوث..
لان ذرتين من
الفيرمونات لا يمكنهما الارتباط على شكل جزيئة لكن يمكن استمالتهما إلى التزاوج في
درجات حرارة أعلى بإخضاع الذرات لحقل مغناطيسي وهذا التزاوج يجعلها تتصرف
كالبوزونات فتمر بمرحلة التكاثف.
في عام 2003م كان كل
من دوبرا جين من المعهد المشترك للفيزياء الفلكية المختبرية JILA في ولاية كلورادوا الأمريكية و رودولف جريمث من جامعة Innsbruck قادرين على استمالة ذرات فيرمونية لتشكيل أزواج بوزونية قادرة على
تشكيل تكاثف بوز اينشتاين وليس التكاثف الفيرموني لكن الخطوة الحاسمة قامت بها جين
وفريقها في 16 ديسمبر 2003م حيث تم تشكيل التكاثف الفيرموني من تبريد غاز مكون من
500000 ذرة من البوتاسيوم إلى درجة 50نانو كلفين وتم ذلك بحجز الغاز في غرفة مفرغة
ثم استخدام المجالات المغناطيسية وتقنية تبريد الليزر laser
cooling لدفع ذرات البوتاسيوم
للتزاوج عند تلك الدرجة الحرارية الواطئة
فتم تشكيل التكاثف الفيرموني المطلوب.
نُـشر الخبر في 24
يناير 2004م في مجلة Physical Review Letters
آفاق مستقبلية
..إن ظاهر فرط الموصلية Superconductivity مُيزت بغياب للمقاومة
الكهربائية . ويحدث التوصيل الفائق في الفلزات والسبائك في درجة حرارة قريبة من الصفر
المطلق وتعتبر درجة حرارة سالب 138°م هي ادفأ درجة حرارة في هذا المجال إلى جانب إن
الـُعدد اللازمة لتبريد الأسلاك عالية التكاليف وضخمة لكن الشيء المهم إن فرط
الموصلية قد ُفسّرت بأزواج كوبر السالفة الذكر حيث إن الالكترونات ذات عزوم
متعاكسة تشكل حالة كمومية استثنائية بطاقة صفر فليس للموصل الفائق مقاومة كهربائية
نظرًا لوجود تفاعل جذبي بين الإلكترونات والذي ينتج عنه تكوين أزواج من الإلكترونات.
وترتبط أزواج الإلكترونات بعضها ببعض وتندفع دون مقاومة حول المواد الملوثة والشوائب
في حين تحدث المقاومة في المُوَصِّل العادي لأن الإلكترونات غير المرتبطة ترتطم بالشوائب
ثم تتشتت.
ونظرا لان السبيل لإنتاج
التكاثف الفيرموني كان مناظرا لأزواج كوبر فإن التكاثف الفيرموني قد يساعد على إنتاج
مواد مفرطة التوصيل في درجات حرارة ادفأ مما هو معروف اليوم، بل قد نصل إلى حلم
العلماء في إنتاج مواد مفرطة التوصيل في درجات حرارة الغرفة ؟!!
فقد جاء في سياق حديث
جين " إن قوة التزاوج في تكاثف فيرموناتنا معدلة الكتلة الكثافة لما يقابل مفرط
التوصيل في درجة حرارة الغرفة".
وهذا الأمر إن صح قد
يُبشر بثورة في الصناعات الكهربائية والالكترونية تسمح بتوليد وإرسال طاقات
كهربائية ذات كفاءة عالية بالإضافة إلى مغناطيسات كهربائية أكثر فعالية.
***
:ملاحظة
نشرهذا المقال في موقع منظمة المجتمع العلمي العربي بتاريخ 3 سبتمبر 2013م
اضف تعليقاً عبر:
السلام عليكم من صاحب المدونة
د فهد آل قاسم و م/ عبدالحفيظ العمري
إرسال تعليق