»نشرت فى : الأحد، 29 مايو 2016»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

مجهر كالتك الزمني




تخيّلْ أنْ نَكُونَ قادرين على رُؤية كُلّ جزء في تفاعل كيميائي كما يَحْدثُ، فنشاهد فيلما لبروتين يتم طيه أو خلية تتشكل؟!  طبعا  لَيس تمثيلا أَو محاكاة، لكن صور فعليةَ تعرض تلك البروتينات أوالخلايا كما تبدو وكما تتحرّك؟!
لقد تم صُنع مجهر يقوم بذلك في مركز الفيزياء الحيوية للعلوم والتكنولوجيا فائقة السرعة التابع لجامعة كالتك كاليفورنيا والذي يديره الدكتور /احمد زويل .

اطلق على هذا المجهر اسم مجهرِ الكترونِي فائق السرعة  Ultrafast Electron Microscopeيختصر ب(UEM) .
تقول مجلة ساينس لقد نجح د/ زويل ومن معه في ادخال البعد الرابع – الزمن- في صورة ميكروسكوبية عالية الجودة حيث يجري تتبع كل الكترون على حده وبدقة كاملة في الزمان والمكان .
فالزمن أساسي في هذا المجهرِ الذي يُمْكِنهُ أَنْ يَتعقّبَ التغييرات الهيكلية ثلاثية الأبعادَ بالمقياس الذرّي.

 
 إن صنع رابطة أو تكسيرها بين الذرّاتِ يَحْدثُ في فيمتوثانية (10-15ثانية) بالمقياس الزمني، وفي بيكومتر(10-12متر ) بالدقةِ المكانية وهذا يجعل مشاهدة تلك التفاعلات صعبا لأن التقنيات المَعتمدُ على الضوءِ في المجهر البصري التقليدي لَنْ تعمل فرغم ان دقتها المكانية تصل الى نانومترية (10-9 متر)لكنها بدون تقنيات زمنية.

فباستخدام الكترونات ذات طول موجي اقصر من المسافة بين الذرات (بزيادة سرعة الالكترونات) يمكن رؤية تلك التفاعلات فهذا المجهرِ يَتقصّى العيناتَ برُزَمِ من الإلكترونات المفردة على فتراتَ زمنية مقدارها فيمتوثانيةِ.

هذا المجهر هو مجهر الكتروني ذو تعديل عالي ينقل بينية السطوح الى نظام ليزري بتغطية مجدولة محدودة بفيمتوثانية  لهذا السبب الباحثون والزوّار يَجِبُ أَنْ يَلْبسوا نظارات أمان بعدساتِ داكنة.

جزء من شعاعِ الليزرَ يُستَعملُ لإثارة العيّنةِ، والباقي يُحوّلُ إلى نبضات فيمتوثانية التي تنتج حزم من الإلكترونات المفردة المناسبة لتقصّي التراكيبِ الجزيئيةِ للعينة، فبدلاً مِنْ جلب كُلّ الإلكترونات في نفس الوقت فيحدث تنافر فيما بينها - كما في بَعْض المجاهرِ الإلكترونية التقليديةِ- تأتي ألالكتروناتُ بِانفراد في هذا المجهر و الإلكترون المفرد عندما يَثِبُ علىْ العيّنةِ فيَضْربُ كاشفَ المجهر فتُكبّرُ العدساتَ داخل المجهرِ العينة في إطار مفرد بدقة فيمتوثانية  فتَظْهرُ كصورة على شاشة الحاسوبِ. وبالحصول على الإطاراتِ بشكل متعاقب يُمْكِنُ أَنْ ُصنع فيلم رقمي لما يَحْدثُ على المستوى الذرّيِ.
  

مجالات الاستخدام
.. يَقُولُ د/ زويل أنّه عَرفَ الحاجةَ العلميةَ لاستعمال هذا المجهر منذ عِدّة سَنَوات قَبْلَ أَنْ يتسلم جائزة نوبلَ في الكيمياءِ عام 1999 لتطويرِه كيمياءِ الفيمتو(راجع مقال كاميرا احمد زويل العدد48 من الملحق العلمي لمجلة العربي الكويتية عدد مايو 2009م) .
فبفضل منحة الـ 17.5$ مليون دولار المقدمة من قبل جوردن Gordon ومؤسسة بيتي مور & Betty Moore أصبحَ التصوير المباشر باستعمال مجهر الإلكترون فائق السرعة حقيقةً في 2005م.
..حتى الآن، أستعمل زويل وزملائه هذا المجهر الفائق  لتصوير مباشر للأنظمةِ المرتبة ، مثل الموادِ الجزيئيةِ البلّوريةِ. لَكنَّهم يطمحون في تفحّص الجزيئاتِ الحيويةِ، مثل الريبوزومات ribosomes والعمل مع الأنظمةِ الحيويةِ الأكثر تعقيدا مثل الخلايا الكاملةِ لذا عمل كلا من د/احمد زويل وجرانت .ج. جينسن –أستاذ البيولوجي المساعد في كالتك- في تصوير خلية كاملة تحتوي على عشرة ألف بروتين لتفهم كيفية عملها.
 

..الجيل الأول للمجهرِ عُجّلت الإلكترونات فيه إلى 120 keV، مانحا صور للمواد اللاعضوية وشرائح الخليةِ، والجيل الثاني من المجهر يصل تعجيل الالكترونات الى 200 keV  وهو قيد الاستعمال حالياً في كالتك ،وقد ساعدت قدرات هذا المجهر الباحثين لاكتشافَ ظاهرة ميكانيكية مجهولة سابقاً في مادة نحاس  tetracyanoquinodimethane - تختصر CuTCNQ) ) - وهي مادة نانوية شبه موصل أحادي البعد، دُرِسَت لمدة 40 سنة تقريباً، فالصور الأولية للمادّةِ في هذا المجهرِ اظهرت صفّ من القضبانِ البلّوريةِ تَتراوحُ مِنْ عِدّة ميكرومترات إلى عشراتِ النانومترات، و كَشفتْ عن قناة في الصفِّ تُفتح وتُغلق كنبضة ليزر.ِ

..على الرغم مِنْ التقدّمِ في مجهرِ الجيل الثاني، الا انه لَيسَ مثاليَا، فالعينات يجب أنْ تُبقي ضمن الفراغِ لمَنْعها من التفاعل مع الغازاتِ المحيطةِ ، لذلك فالجيلِ الثالث منه بدقة تصل الى 300 keV يستطيع التعامل مع العيناتِ تحت الشروطِ الأكثرِ طبيعية، مثل الضغطِ الجوي وخلافه.

إذا كان خبراء المجاهر يعتبرون مجهر كالتك هذا ثوريا فهل ستغير قدرته من طريقة تفكير علماء الكيمياء والفيزياء والاحياء بشأن داينميكية النظم الجزيئية في مجالاتهم ؟

المستقبل سيخبرنا بذلك..




***
 
:ملاحظة 

نشرهذا المقال في موقع منظمة المجتمع العلمي العربي بتاريخ 29أغسطس2013م

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015