»نشرت فى : الجمعة، 19 يونيو 2020»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

ماذا يعني أن تكون مهمّشاً؟



ظاهرة المهمشين ظاهرة تسترعي الانتباه فلا يكاد يخلو منها بلد - بغض النظر عن مستوى البلد المادية -وكأن التهميش خاصية (إنسانية) مع سوء التعبير في لفظة إنسانية!
والاسباب التي تؤدي إلى تهميش بعض فئات المجتمع كثيرة ، منها اللون - كما هو ظاهرة الأخدام عندنا في اليمن - ومنها العرق ، ومنها كون تلك الفئة أقلية ضمن أكثرية ظالمة مصادره للحقوق ، وقد تجتمع كل هذه الاسباب دفعة واحدة فتكون الكارثة مركبة.



تخيّل أخي القارئ أنك واحد ممنْ ينتمون لطائفة مهمشة سواء في بلدك أو في بلد ما …

ضع نفسك - ولو جدلاً- مكان واحد منهم وقل لي ما هو شعورك؟

حتى لفظة (مهمّش) لا تختلف في حروفها عن (مهشّم) وكأنهما وجهان لعملة واحدة ؟!
وكأن في اللفظين انتصاراً لمبدأ الاشتقاق الأكبر لابن جني …
مع أن قواميس اللغة لما تتحدث عن الجذر(همش) تدور حول الاختلاط والسرعة وغيرها وليس المعنى الجديد اليوم ، فيبدو اللفظ أنه موّلد عن معنى قديم …

إن التجاهل المقصود لحقوق طائفة من البشر بسبب أحوال فيهم خارجة عن إرادتهم هو نوع من الظلم الجماعي الذي يمارسه المجتمع ضد طائفة لا تتجزأ منه - سواء شاء أم أبى .
ظلم تناقله المجتمع كابراً عن كابر فاصبح ثقافة مترسخة تنمو عليها الناشئة …

كلنا نعرف الهامش ذلك الحيز الفارغ من الورقة الذي نتركه عند الكتابة أو الطباعة ، فلو شبهنا المجتمع بالورقة سيكون هؤلاء المحرمون قابعين على هذا الهامش الذي نحاذر الكتابة (العيش) فيه أو الاختلاط به ، فتتكون العشوائيات وبيوت الصفيح المتكدسة التي تفتقر لأدنى خدمات الحياة الأساسية …

فهل ترضى عزيزي القارئ أن تعيش على الهامش؟

ولو كبّرنا صورة التهميش التي تحصل لهؤلاء إلى صورة أكبر سنرى الدول النامية - ومنها دولنا العربية خصوصاً- قابعة على هامش الحياة المعاصرة وليست في نظر الدول الكبرى سوى (منجم) المواد الخام لأسياد الكوكب.

الدول النامية - أو النائمة كما يحلو للبعض ان يسميها- دول يقدر سكانها بالملايين يعيشون على هامش الحضارة المعاصرة من دون أدنى مشاركة في صناعة المستقبل، بل لا تعرف هذه الملايين ماذا يخبئ لها المستقبل من أحداث ولا خطط لديها لتتقي من كوارث هذا المستقبل الغامض والقادم.

***
نشرت في الجمهورية - 26 مايو 2013م

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015