»نشرت فى : الأربعاء، 1 يوليو 2020»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

عندما يحدثنا التاريخ

لا أدري لماذا شبح الحرب العالمية الثانية معشعش في ذهني؟
رغم أني لم أكن معاصرا لها
فقد جئت إلى هذه الدنيا بعد انتهائها بـ 30 سنة!
لعل السبب يعود لهذا الكتاب
"الحرب العالمية الثانية" للمؤرخ اللبناني رمضان لاوند
هذا الكتاب الذي ظهرت طبعته الأولى في عام 1965م
كتاب جميل؛ شرح المؤلف تفاصيل الحرب بأسلوب روائي أخّاذ!



يقول في مقدمته :
"الحرب في كل صورها وأشكالها محاولة انتحارية.
إنها إعلان إفلاس المتحاربين في وضع الحلول المناسبة للمعضلات الناشئة بينتهم.
إنهم بهذه الحرب ينزلون بالحضارة من مستواها الأخلاقي الرفيع إلى مستوى شريعة الغاب.
والعدالة لا مكانة لها في هذه الشرعية، وهي تفقد من رصيدها في حياة المجتمع علي قدر ما تسببه الحرب من الخراب والدمار وتحدثه من المضاعفات الهدامة".
أما عناوين الفصول فعجب؛ منها :
- هدوء في الجبهة الغربية
- الصليب المعقوف على الاكروبول
- السيبريون يصلون مع برد الشتاء
- الطريق إلى مورمانسك ...الخ
وينقل لاوند من مذكرات الطيارين والجنود المشاركين في المعارك من كل الأطراف - كشاهد حي!
أما الصور فحدّث ولا حرج
صحيح أن الوثائقيات فاقت الكتاب، خصوصا وثائقيات قناة ناشونال جيوغرافيك سلسلة أبُكاليبـس
لكن للكتاب متعته!
***

عندما يحدثنا التاريخ


يحدثنا التاريخ عن سقوط فرنسا في الحرب العالمية الثانية؛ فالفرنسيون الذي اكتفوا بالتخندق وراء خط (ماجينو) ظنا منهم أنهم  حصونهم مانعتهم السكين الألمانية، لكن جيش الرايخ عبر تلك الخطوط كما يعبر السكين في زبدة طرية!
وعبروا حتى سقطت باريس في غمضة عين في يونيو 1940م، ورقص هتلر في نشوة لا مثيل لهاعندما بلغه نبأ أن قواته تحت (قوس النصر)؛ كان يرقص حقيقة لا مجازا!

لكن ماذا بعد؟
لم يكف التاريخ عن تقليب أوراقه فهو دائما يفعل ذلك.
لقد قام الحلفاء بتجهيز جيش فرنسا الحرة، وكان شارل ديجول يقود حكومة المنفى هناك خارج الأراضي الفرنسية، أما في الداخل فيحدثنا المؤرخ اللبناني رمضان لاوند في كتابه الممتع (الحرب العالمية الثانية) عن أعاجيب المقاومة الفرنسية التي شملت باريس لتمتد لكل فرنسا حتى ريفها في تحدٍ صارخ للمحتل النازي ولحكومة (فيشي) التي نصبها ذلك المحتل بقيادة المارشال فيليب بيتان، ذلك المارشال الذي كان للأسف بطل فرنسا ضد الألمان في الحرب العالمية الأولى في معركة فردان الشهيرة عام 1916م، لكنه أصبح يدهم في الثانية!
الحلفاء بدورهم جهزوا لغزو الساحل الأوربي ومهد لهم سقوط الدوتشي موسوليني عام 1943م لتكون إيطاليا بطن أوروبا الرخوة – على حسب تعبير لاوند- جاهزة للإنطلاق.
وفي عملية واسعة في الزمان والمكان أقدم الحلفاء على الإنزال الشهير؛ إنزال نورماندي - درة السواحل الفرنسية - ليكون هذا الإنزال نقطة انعطاف في دالة الحرب العالمية الثانية.
يقود الحلفاء الجنرال دوايت أيزنهاور نفسه – الذي سيصبح الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك، كان الإنزال في فجر السادس من يونيو عام 1944م.
وكانت الاستعدادات له منذ زمن طويل، فالنازيون يعرفون أن هجوم الحلفاء أمر حتمي، ولكنهم لم يعرفوا موعده أو مكان انطلاقه، كانوا يعتقدون أن الهجوم سيتم من أضيق منطقة في القنال على ساحل مدينة كاليه - بناء على ما سربته لهم ليلى كرامي - نتيجة لذلك تركزت أقوى قواتهم هناك.
وضع الألمان العوائق والتحصينات والاسمنت المسلح وزرعوا ملايين الألغام على طول الساحل وقاموا بنشر ثلاثة جيوش على الشاطئ أي ما يقارب 1.5 مليون جندي ووضعت هذه الجيوش تحت قيادة المارشال رومل ثعلب الصحراء العجوز.
عملية إنزال نورماندي كانت عملية مخابراتية شملت مناطق كثيرة منها لبنان!
ذكر درويش الجميل في كتابه (جواسيس حولوا مجرى التاريخ) عن اللبنانية ليلى كرامي التي سربت للألمان موضعا وزمانا خاطئين عن الإنزال!
(لا ننسَى أن لبنان في ذاك الزمان كانت تحت الاحتلال الفرنسي)
وكان الإنزال، لتتقدم جيوش الحلفاء إلى باريس وتحررها بعد 4 سنوات من الاحتلال النازي.
يقلّب التاريخ أوراقه دائما ويدعونا للقراءة، لكننا نقرأ بدون بصيرة، لذا في نهاية المطاف نكتشف أن هيجل كان محقا!
"الدرس الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ، هو أن لا أحدا يتعلم من التاريخ"!

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015