»نشرت فى : الأربعاء، 1 يوليو 2020»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

العرب والدين والسياسة

العرب يتحدثون في السياسة والدين كثيراً، لكنهم على هذه الكثرة من الحديث لم يحسنوا لا في السياسة ولا في الدين!
كونهم لم يحسنوا في السياسة هذا أمر لا يحتاج إلى شرح؛ فنظرة في أحوالنا الحياتية المعاصرة تأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَوّد!





أما الدين فإن حديث العرب عنه عجبٌ عجاب؛ فقد حولوه من "جامع" لهم إلى مفرّق ومشتت – وما جاءت الأديان بذلك، لكنها أهواء الناس منْ فعلت ذلك.
حتى أصبحوا طوائفا ومذاهبَ تتقاتل باسم الدين، وكلٌ يرى نفسه على حق والآخرين على خطأ عظيم!
وصار الدين – للأسف – هو البارود الذي تُشحن به مدافع كل فريق ضد الآخرين؛ فالكل متدرِّع بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة يتلوها ويلوي أعناقها على هواه، ووفق مصلحته وانتصارا لطائفته وجماعته!
لذا اجتاحت (الحروب المقدسة) كل أرجاء الوطن العربي (الكسير)!
إنه حلف السياسة والدين الذي رفع رايته كأنه قراصنة العصور الوسطى التي اجتاحت بحار الحياة العربية المعاصرة، فارتدت الشعوب تقاتل تحت مسميات تم إحياءها من الرميم، فصارت تلك الشعوب (زومبيا) عائدا من غياهب الموت تقاتل من أجل ماذا؟
الواقع لا تدري!
المهم أن تقاتل تحت أي مسمى تقتنع به والسلام.
مسميات تم تغليفها باسم الدين لتلوح هالتها الدينية برّاقة تغري بالتضحية من أجلها!
وهاهي الخريطة العربية مشتعلة من أقصى المشرق حتى أقاصي المغرب، اشتعالا مُفتتًا للجغرافيا، مُستحضرًا كل خلافات التاريخ القديم والوسيط والحديث.
كنتُ أقرأ عن هذا الخراب في كتابات د مصطفى محمود – الكاتب المعروف – ضمن كتيباته السياسية التي صدرت في تسعينات القرن العشرين، وهاهي تتحقق عيانا اليوم!
كتيبات (الغد المشتعِل) و(الطريق إلى جهنم) و(على حافة الزلزال) و(الإسلام في خندق) و(على خط النار) وغيرها،، كلها كانت تتنبأ بهذا الأتون الذي نعيشه في هذه السنوات العجاف.
هذا هو الحديث الكثير في السياسة أو الدين - الذي لا يخلو منه أي مجلس عربي – حديث خطير، لأنه ليس مجرد حديث للهو أو اللغو، بل تعبئة وحشد نحو المحرقة للجميع.
ومن عجائب الأمور أنه لو تحدث أحدهم في أمور دينية، لرد عليه أكثر من واحد، وسفّه كلامه أكثر من واحد، ووافقه أيضا أكثر من واحد، لكن لو تحدث أحدهم في الفيزياء – مثلا- لصمت الكل أو تحدث المختص في الفيزياء، وحين تسألهم لماذا لا تتداخلوا مع المتحدث؟
سيقولون: لا… هذا تخصص، يحتاج فيزيائي.
أها …الفيزياء تريد متحدث متخصص، والدين لكل منْ هب ودب يخوض فيه؟!
ومثله السياسية!

ماذا يعني العيش في العالم العربي الكسير؟
لا غرابة من كل هذا؛ فالوطن العربي (الكسير) هو أرض اللغو والترهات التي تجتاحنا منذ زمن طويل.
بحيث لو تساءلنا:
ماذا يعني العيش في العالم العربي الكسير؟
فالإجابات أتخيلها على النحو التالي:
يعني العيش على أرض الزلازل والمتغيرات المفاجئة/ بلا ضابط ولا قانون.
يعني العيش في جو الثقافات التي تعترف بكل صاحب قوة، أيًا كان مصدرها!
يعني العيش في جو (المقدسات) المصنوعة بحسب أهواء السياسة منذ زمان الانقلاب الأموي وحتى الآن!
يعني أن تعيش، وأنت لا تعيش عيشة حقيقة مثل باقي عباد الله!!
وحتى المسميات التي تطرق سمعك وذهنك منذ وعيك بهذه الدنيا، ستجد مع مرور الوقت أنها مسميات لا وجود لها إلا على الورق وضمن التلقي!
من أمثال: الوطنية، والمواطنة المتساوية والتسامح والتعايش ...الى آخر ما كانوا يحشونا به في مادة التربية الوطنية!
هذه الظلال من المفاهيم لا وجود لها على واقع الحال!
حتى مسمى (عالَم)، مجرد إطار لكنتونات جغرافية متناثرة على الخريطة، كل واحدة تحذر الأخرى وتكيد لها؛
فلا تغرّك القبلات الدبلوماسية التي نراها أثناء (القمم) العربية التي هي الأخرى- أي القمم- مجرد (ثقوب سوداء) تبلع أي تحرك حقيقي في الشارع العربي!
أرض الموات هذي تاهت خطوط الطول والعرض في تحديدها، كما تاه تاريخها المليء بالخزعبلات والخرافات والأساطير، لذا أنصحك إذا مررت بجوار تلك الأرض، فقل:
سلامٌ عليكم ديار قومٍ تائهين، ولا عزاء للأغبياء
وأخيرا:
يقول الشاعر الكبير أحمد مطر:
يا أرضنا يا مهبط الأنبياء
قد كان يكفي واحدٌ
لو لم نكن أغبياء!

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015