»نشرت فى : الجمعة، 3 يوليو 2020»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

لعبة الحرب

عندما دخلت الحرب حياتنا أصبحت كلماتنا حربا، وتفكيرنا حربا، حتى خلافاتنا صارت حروبا صغيرة.
أما أطفالنا فقد استبدلوا المسدسات الخشبية والمائية والحقيقية مكان الأوراق، وصارت الألعاب النارية ألعابا حربية!

لن تجد شيئًا أو شخصًا حافظ على توازنه في زمن الحرب؛ لأن الحرب إذا دخلت الحياة أفسدتها، قلبت كيانها، جعلتها شيئًا آخر غير ما كانت.

إنها تقويض سريع لكل مكتسبات الإنسان التي صنعاها في زمن طويل؛ فهي ليست لعبة، بل مغامرة غير محسوبة العواقب – خصوصًا عند العرب- الذين يدخلونها بعنتريات الجاهلية التي لا تزال سابحة في جيناتهم!



رغم أن الحرب – كما يقول المؤرخ الأميركي المشهور وليم ديورانت المتوفى عام 1981م في كتابه (دروس التاريخ): "أحد ثوابت التاريخ؛ فالحرب أو المنافسة هي أبو كل شيء، وهي الأصل الفعال للأفكار والمخترعات والمؤسسات والدول، أما السلام فهو توازن غير مستقر.
وأسباب الحرب هي ذاتها أسباب المنافسة بين الأفراد: نزعة التملك والمشاكسة والغرور".

وفي إحصائه للحروب التي وقعت في التاريخ البشري منذ تدوينه لم يجد من 3421 سنة سوى 268 سنة ليس فيها حروب، وأكثر من ثلاثة آلاف سنة كلها حروب؛ يعني قرابة من 92% من تاريخ الإنسانية حروب!

رغم هذا فأني لا أرى في هذه الإحصائيات – بغض النظر عن دقتها- حجة لقيام الحروب.

فمنْ ذا يغامر بمستقبل أمة لخوض الحرب؟
أعلم أن المغامرين كُثر في زمان الجنون الذي نعيشه، لكن تجارب التاريخ تعرض لنا ما آلت إليه الشعوب التي أسلمت زمامها لهؤلاء المغامرين!
لكن منْ يقرأ التاريخ؟

العرب والحرب

الحرب هي إفلاس البشر في التفاهم معا، والعرب هي أمة الإفلاس في هذا الزمان، فهم في مرتع الحروب منذ حرب (البسوس) و(داحس والغبراء) وحتى حرب اليمن الراهنة، يعني لا جديد، اللهم تطور آلات الصراع وتغير المسميات!
ولا يخرجون من حرب إلا ليصنعوا أختها بدس بذورها في كل اتفاق سلام يُصاغ!

يقول قائل: هل نسيت أن الغرب متآمر عليهم، فهو من يصنع لهم هذه الحروب؟
طبعًا، الكل متآمر علينا حتى سكان مجرة أندروميدا!
أقول قد تكون المؤامرة موجودة لكن تضخيمها جدا وكأننا ملائكة أمر غير منطقي.
ولا ننسى أن الغرب أناس يبحثون عن مصالحهم، لكن ماذا عنا؟

إن أغلب شعوب العالم من حولنا خاضت حروبًا، لكن العقلاء منها يتعلمون من هذه الحروب كيف يصنعون عالَمهم وكيف يجنبون شعوبهم شبح الحرب – ما استطاعوا لذاك سبيلا- لأن أعظم مشكلة في الحرب، أنها تنزع منك حرية الاختيار، ومتى فقد الشعوب هذه الحرية انساقت مثل السائمة للمحرقة.

يقول الروائي الألماني هيرمان هيسه (1877 - 1962م) - الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1946م -: "وهذه الحرب العالمية البائسة ]يقصد الحرب العالمية الأولى[ بالذات يجب أن تجعلنا أشد وعيًا بأن الحب أسمى من الكراهية، والفهم أسمى من الغضب، والسلام أسمى من الحرب، وإلا فما جدواها؟"

نعم؛ السلام أسمى من الحرب

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015