»نشرت فى : الجمعة، 21 أغسطس 2020»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

ذات مدرسة!

 ذات مدرسة! 


لم تكن سوى زيارة جاءت هكذا دون تخطيط لها 

كنتُ مارا بالقرب منها برفقة صديقي محمد النجار

عم تتحدث؟

ايوه...أتحدث عن مدرستي (النهضة) بإب. 


(النهضة) وما أدراك ما (النهضة)...التحقت بها عام 1989م عندما انتقلت الأسرة من (تعز) لتستوطن (إب)، كنت حينها في الصف الثالث الإعدادي/ المتوسط. 


كانت سمعة (النهضة) قد بلغت عنان السماء، فمديرها أستاذ الأجيال محمد عبدالله العلاية- رحمه الله رحمة واسعة- قد جعل منها شعلة نشاط وعلم، ونفخ فيها من روحه المتوقدة وهو يجلب لها أفضل المدرسين من كل مديريات(إب)، لذا لا نستغرب أن ظلت (النهضة) تتصدر مدارس الجمهورية في المسابقة العلمية كل عام، ولا تخلو من طلابها قائمة العشرة الاوائل على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة؛ باختصار كانت (النهضة) اسم على مسمى. 


أربع سنوات قضيتها في صفوفها من الثالث الإعدادي حتى الثالث الثانوي عام 1992-1993م، تلك السنة الحاسمة في حياة كل طالب، مع اعتراضي على ربط مستقبل الطالب بسنة دراسية واحدة لا ندري ما هي ظروفها!


أنا الحمد لله حصلت على معدل 86.55% وهو معدل متواضع مقارنة بمعدلات هذا الزمان! 


ليس هذا كل شيء طبعا؛ فالمدرسة أو الجامعة ليست أماكن لتلقي العلم فقط، بل بيئة صانعة للإنسان من جديد؛ حيث يكتشف المرء مواهبه الكامنة في أعماقه في الأدب والفن وغيرها 


هذا طبعا إذا وجد من يأخذ بيده، وأنا وجدت ذلك في شخص أساتذتي في المرحلة الإعدادية؛ فلا أنسى الأستاذ صبري كامل- أستاذ اللغة العربية- والأستاذ صبري جوهر- أستاذ التربية الإسلامية- وكلاهما من مصر الغالية، وكم لمصر عليّ من أيادٍ بيضاء أعدُّ منها ما لا أعددها. 

والأستاذ محمد غزوان مهران- أستاذ اللغة الإنجليزية- والأستاذ أحمد الشيخو- أستاذ الرياضيات- وكلاهما من سوريا الشقيقة - فرّج الله عنهم ما هم فيه وعن يمننا الصابر.


كان هؤلاء الأفاضل من قرأوا ما بدأت اكتبه شعرا وقصة، وكنت في البدايات- آنذاك- فمدحوا ونصحوا واهتموا بذلك تشجيعا ونقدا بحب وأبوة وعتاب وخوف أن يجرفني الأمر عن دراستي! 


وأذكر أن الأستاذ أحمد الشيخو- أستاذ الرياضيات- لامني لماذا درجتي في الرياضيات في منتصف السنة هي أسوأ درجة على الإطلاق بين جميع المواد، كانت 56 فقط، رغم تفوقي في بقية المواد! 


فالتفتُّ للرياضيات؛ فكانت آخر السنة أعلى درجات المواد على الإطلاق، إذ أصبحت 97


في تلك الأيام كانت سلاسل روايات مصرية للجيب رائجة بين جيلنا ونحن نتحمس مع معارك أدهم صبري في سلسلة رجل المستحيل، ومغامرات فريق المخابرات العلمية نور وفريقه في سلسلة ملف المستقبل، ورومانسية سلسلة زهور، وإبداعات سلسلة كوكتيل 2000 بعد ذلك. 


لقد أثّر شخص واحد في صناعة وعي جيل بأكمله، إنه د نبيل فاروق، هذا قبل أن نكتشف د أحمد خالد توفيق- رحمه الله رحمة واسعة- الذي لم ننفك من وهج تأثيره حتى اليوم. 


عودة لموضوع المدرسة


لقد مرت السنون ورحل هؤلاء الأفاضل، وجاءت سنة الثالث الثانوي، أيامنا كان المنهج المصري ما يزال مهيمنا في تدريسنا، أذكر أن الفيزياء التي درستها كانت الكتاب المصري نفسه، وكذلك مادة البلاغة رغم أن هذا الكتاب الأخير تأليف أساتذة يمنيون، لكني كنت أذاكر من كتاب البلاغة المصري لأنه أوضح. 


كانت نفس المواضيع حول التجربة الشعرية والقصصية والمسرحية والمقال

وأعترف هنا أن تلك المواضيع أثّرت فيّ بعمق، وكأنني دخلت كواليس عالم الكتابة، أو اللغز وراء السطور كما سماها د أحمد خالد توفيق في كتاب له يحمل نفس العنوان. 


أيامها كان يدرسنا مادة اللغة العربية الأستاذ محمد عبد الرحمن من مصرنا الغالية، وعلى يديه تعلمت وزن الشِعر بعد أن دلني إلى كتاب (ميزان الذهب في معرفة شعر العرب) للسيد الهاشمي، فاشتريته وقرأته وما غمض عليّ شرحه لي أستاذي العزيز. 


انتهت السنة وتخرجنا من (النهضة) وفرّقتنا الحياة شذر مذر، لكن ظلت (النهضة) في نفوسنا قبلتنا الأولى التي تربينا في حماها لا نجحد لها يدا حتى آخر العمر. 


#ذكريات_من_الغياهب

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus
design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة عيون المعرفة 2014 - 2015