“العمري”.. يمني وقع في حب الذرات
“العمري”.. يمني وقع في حب الذرات
عادل الدغبشي – صنعاء
صنعاء - 21 أغسطس، 2016م
أطرق رأسه برهة من الزمن ،، إنه يتذكر قصة عشقه لكنه يخشى البوح بأسرار تلك العلاقة التي نفر منها آلاف الشباب.. لم أكن أعلم أن شيئا ما قد حدث في منزله البسيط الذي يقطنه منذ أكثر من سبعة وعشرين عاما.. رفع رأسه قائلا " لم أكن لوحدي، لقد تأثر جيلي بالكامل".
عشق العلم وحدود المعرفة
الأربعيني اليمني عبد الحفيظ العمري، لم يجد بدا من الاعتراف بأنه وقع في حب الذرات وعشق المعادلات.. منذ التزم متابعة الدكتور مصطفى محمود في حلقات العلم والإيمان الذي كان يبثه التلفزيون الرسمي في تسعينات القرن الماضي.. قال العمري " كان ذلك خلال دراستي الثانوية".
لقد حاول أن يلج عالم الذرات والمعادلات هربا من التلوث الضوضائي.. إنه يعرف آفاق الثقافة العلمية وحكاية النسبية.. ثم يسأل: هل نحن وحدنا في الكون؟ وما هو الواقع؟ مؤكدا إنه زمن النانو.. والعيش في زمان السندويش.
تلك بعض كتبه ومنشوراته العلمية التي حاول من خلالها أن يشرح للعالم حكاية شغفه بالفيزياء والرياضيات وكيف أصبح يعي معنى العلوم وأهميتها.
الواقع العملي
العمري شاب يمني يسكن في مدينة إب وسط البلاد.. يعمل رسميا في سلك التعليم الفني والتدريب المهني وله ارتباطات بمكتب الثقافة الذي يعمل مستشارا له منذ سنوات.. ويدرّس الرياضيات والهندسة في الجامعات الأهلية.. يهوى القراءة ومتابعة أفلام الخيال العلمي والأفلام الوثائقية.
إنه ما يزال يتذكر عندما سافر للعراق عام أربعة وتسعين في منحة دراسية وكيف نفر من البيولوجيا إلى الفيزياء والهندسة.. قبل أن يحصل على البكالوريوس من جامعة الأنبار.. يقول " الفيزياء هي أم العلوم وتناقش كل شيء في الكون من الذرة وحتى المجرة " ثم يتابع " إنني أحب المعادلات والبحث عن براهين".
الطموح وضآلة المحتوى العلمي العربي
التفت إلى صورة معلقة على حائط غرفته ثم قال: " إنه والدي رحمه الله الذي درس الهندسة في يوغسلافيا السابقة، لقد كان أبرز الداعمين في بداية مشواري في مجتمع ملئ بالنظرة الدونية لمجال الفيزياء " يتابع " كتب العلوم الجديدة التي امتلأت بها صنعاء يوم اختيرت عاصمة للثقافة العربية عام 2004م كانت أهم رافد لاهتمامي وطموحي قبل أن يفيض علينا الانترنت من مصادره المتعددة.
حين سألته عن أبرز عوامل نجاحه رد بجمل إنجليزية سريعة.. قبل أن يتنبه لذلك قائلا "عذرا.. التفاتي إلى اللغة الانجليزية كان بسبب قناعتي التي وصلت إليها بأن المحتوى العلمي باللغة العربية ضئيل جدا وربما يقدر بنحو 3 بالمائة فقط على الانترنت، أنا مرتبط بمواقع عدة ذات مصادر موثوقة للمعلومة وإصدارات معرفية ومجلات عالمية مترجمة، لا يوجد حد للإطلاع واستمرار المتابعة والبحث يجعل منك كاتبا أو باحثا علميا رصينا ".
جفاء العلم والنفور من المعرفة
بنبرة صوت هادئة حاول رجل الفيزياء اليمني أن يبوح بما يجد في نفسه تجاه مجتمع وصفه " بأنه لا يحتضن العلوم" ويؤكد " ليس لدينا حاضن مجتمعي على غرار الفن والرياضة " ثم يستطرد " ألا ترى مدى الاهتمام بأخبار كأس العالم واللامبالاة تجاه أخبار جائزة نوبل ".
لقد تحول المهندس العمري إلى النشر الإلكتروني بعد أن انصرفت الصحف الرسمية والحزبية إلى الشأن السياسي، إنه يرى أن فضاء النت الواسع أفرد للعلوم مساحة كبيرة وأفرز شبابا مهتمين بهذا المجال.
(ماذا تعني الفيزياء بالـ....... ) قاطعني قائلا " أستغرب من فرار ناشئتنا من الفيزياء والرياضيات. الفيزياء حجز الزاوية في العلوم وتحيط بالكون وتعاضدها علوم عدة أهمها الرياضيات. لا أبالغ إن قلت أن الفيزياء ارتادت مجالات يظن المطلع عليها أنها ضربا من الخيال".
لعل السبب في نظر العمري هو "سوء طريقة تدريس تلك المادتين وعرضهما بأسلوب جاف دون ربطها بتاريخ العلوم والحياة اليومية" ثم قال "مناهجنا التعليمية جافة، أنا وأمثالي نحاول كسر هذا الجفاف وتقديم المادة في صورة ميسرة وممتعة".
إنجازات علمية وعملية
في إطار تبسيط العلوم والثقافة العلمية نشر عبد الحفيظ العمري نحو اثني عشر كتابا الكترونيا ضمن دار حروف منثورة للنشرة الالكتروني المجاني، وأعاد نشرها لمكتبة العبيكان الالكترونية.. قدم عشرات المحاضرات والندوات العلمية المتنوعة في منتديات إب العلمية وجامعاتها الخاصة والرسمية.. ومعظمها متاحة على مدوناته وحساباته الالكترونية وفق الروابط المرفقة.
بادرته .. ما شأنك بالترجمة؟ لماذا .. أنت تسأل والفيزياء تجيب؟ رد قائلا " إنه الكتاب الذي وضعته الكاتبة اللبنانية (آلاء عكوش) مجانا على النت، لما قرأته وجدت كم هو بسيط ويناسب القارئ العربي، فأسئلته تناقش ظواهر طبيعية محيطة بنا على غرار (لماذا السماء زرقاء؟ لماذا الغيوم بيضاء؟ لماذا يحدث البرق ولماذا يهطل المطر؟)". ويؤكد "لقد تمكنت بمعية رفيقي ياسر أبو الحسب من ترجمة الكتاب في فترة قياسية رغم أزمة الكهرباء الشديدة في اليمن، ولم نتلق أي دعم فلقد كان الأمر كله اجتهاد شخصي حتى نجحنا في رفعه مجانا على الانترنت كما فعلت كاتبته. لم نفكر حتى بإصداره ورقيا إلى أن أبدت دار النشر المصرية رغبتها في ذلك.
الآمال والطموح
لعل إصدار الأعمال العلمية ورقيا وإتاحتها للجميع هي أبرز تطلعات عاشق الفيزياء المهندس عبد الحفيظ العمري.. لقد حاول لملمة أوراقه المبعثرة وهو يقول " لا أخفيك .. أسعى بخطى حثيثة لإنشاء موقع الكتروني وخلق حاضن مجتمعي للعلوم، أملنا أيضا إقرار مادة الثقافة العلمية ضمن المناهج الدراسية، لا بد أن يتغير نمط تدريس العلوم إلى المعايشة.. ويجب أن نراها ونحس بها".
رابط المقابلة
https://web.archive.org/web/20171027183929/http://clavo.me/love-of-atoms/
اضف تعليقاً عبر:
إرسال تعليق